كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



كَلَامُ ع ش وَقَوْلُهُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ إلَخْ يُعْلَمُ رَدُّهُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي، وَالْأَسْنَى آنِفًا.
(قَوْلُهُ: وَيَأْتِي ذَلِكَ) أَيْ: قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُنْدَبُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمُتَرْجِمِينَ إلَخْ) بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الْكُتُبِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مَحَاضِرِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: زِيَادَتَهُ) أَيْ: الْفِقْهِ وَقَوْلُهُ: مِنْ التَّوَسُّعِ إلَخْ بَيَانٌ لِلزِّيَادَةِ.
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤْتَى) أَيْ: يَدْخُلَ عَلَيْهِ الْخَلَلُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَعِفَّةٌ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى فِقْهٌ.
(قَوْلُهُ: اكْتِسَابِيٍّ) أَيْ: أَمَّا التَّكْلِيفِيُّ فَشَرْطٌ كَمَا مَرَّ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَفِطْنَتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. اهـ. ع ش.
(وَ) يَتَّخِذُ نَدْبًا أَيْضًا (مُتَرْجِمًا)؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجْهَلُ لِسَانَ الْخُصُومِ، أَوْ الشُّهُودِ (وَشَرْطُهُ عَدَالَةٌ وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَدٌ) أَيْ: اثْنَانِ وَلَوْ فِي زِنًا، وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ كُلُّهُمْ أَعْجَمِيِّينَ، نَعَمْ يَكْفِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِمَا وَقِيسَ بِهِمَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِنَّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُ لِلْقَاضِي قَوْلًا لَا يَعْرِفُهُ فَأَشْبَهَ الْمُزَكِّي، وَالشَّاهِدَ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ أَعْمَى) إنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ غَيْرُ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ تَفْسِيرٌ؛ لَمَا يَسْمَع فَلَمْ يَحْتَجْ لِمُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ.
وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ غَلَّبُوا شَائِبَةَ الرِّوَايَةِ خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّهُ بَلْ هُوَ شَهَادَةٌ إلَّا فِي هَذَا؛ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَطِ لَهُ الْإِبْصَارُ هُنَا.
(وَ) الْأَصَحُّ (اشْتِرَاطُ عَدَدٍ)، وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى هُنَا أَيْضًا (فِي إسْمَاعِ قَاضٍ بِهِ صَمَمٌ) لَمْ يَبْطُلْ سَمْعُهُ كَالْمُتَرْجِمِ فَإِنَّهُ يَنْقُلُ عَيْنَ اللَّفْظِ كَمَا أَنَّ ذَاكَ يَنْقُلُ مَعْنَاهُ.
وَشَرْطُهُمَا مَا مَرَّ فِي الْمُتَرْجِمِينَ.
وَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَانْتِفَاءُ التُّهْمَةِ؛ فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ إنْ تَضَمَّنَ حَقًّا لَهُمَا.
وَخَرَجَ بِإِسْمَاعِ الْقَاضِي الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ إسْمَاعُ الْخَصْمِ مَا يَقُولُهُ الْقَاضِي، أَوْ خَصْمُهُ؛ فَيَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مَحْضٌ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فَيَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ عَلَى الْأَصَحِّ كَهِلَالِ رَمَضَانَ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَمُتَرْجِمًا) الْأَقْرَبُ أَنْ يَتَّخِذَ مَنْ يَعْرِفُ اللُّغَاتِ الَّتِي يَغْلِبُ وُجُودُهَا فِي عَمَلِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَزِيَادِيٌّ.
(قَوْلُهُ: شُهُودُهُ) أَيْ: الزِّنَا. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَيُسْتَحَبُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا يَلْزَمُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: وَشَرْطُهُمَا مَا مَرَّ فِي الْمُتَرْجِمِينَ وَقَوْلَهُ: نَعَمْ إلَى وَلَهُ التَّأْدِيبُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا) أَيْ: مِنْ جَوَازِ الْأَعْمَى أَنَّهُمْ غَلَّبُوا إلَخْ أَيْ: فِي الْمُتَرْجِمِ وَقَوْلُهُ: بَلْ هُوَ إلَخْ أَيْ: الْمُغَلَّبُ فِي الْمُتَرْجِمِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ غَيْرُ الْخَصْمِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بِالْأَوْلَى. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلْ سَمْعُهُ) وَأَمَّا إنْ لَمْ يَسْمَعْ أَصْلًا وَلَوْ بِرَفْعِ الصَّوْتِ لَمْ تَصِحَّ وِلَايَتُهُ كَمَا مَرَّ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُمَا) أَيْ: الْمُسْمِعَيْنِ مَا مَرَّ إلَخْ أَيْ: مِنْ الْعَدَالَةِ، وَالْحُرِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْفَرِيقَيْنِ) أَيْ الْمُتَرْجِمِينَ، وَالْمُسْمِعَيْنِ.
(قَوْلُهُ: الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ) بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَشْهَدُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ) أَيْ: كُلٌّ مِنْ التَّرْجَمَةِ، وَالْإِسْمَاعِ.
(قَوْلُهُ: فَيَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ) لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مَحْضٌ) لَمْ يَذْكُرْ مِثْلَهُ فِي التَّرْجَمَةِ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ الْعَدَدِ فِي نَقْلِ مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي لِلْخَصْمِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ قِيَاسَ الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ هُنَا الِاكْتِفَاءُ بِهِ فِي التَّرْجَمَةِ وَسَوَّى شَرْحُ الْمَنْهَجِ بَيْنَهُمَا فِي الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. اهـ. ع ش.
(وَيَتَّخِذُ) نَدْبًا (دِرَّةً) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ (لِلتَّأْدِيبِ) اقْتِدَاءً بِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، نَعَمْ مَنَعَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ نُوَّابَهُ مِنْ ضَرْبِ الْمَسْتُورِينَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِمَّا يُعَيَّرُ بِهِ ذُرِّيَّةُ الْمَضْرُوبِ وَأَقَارِبُهُ، بِخِلَافِ الْأَرَاذِلِ.
وَلَهُ التَّأْدِيبُ بِالسَّوْطِ (وَسِجْنًا لِأَدَاءِ حَقٍّ وَتَعْزِيرٍ) كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِدَارٍ اشْتَرَاهَا بِمَكَّةَ وَجَعَلَهَا سِجْنًا.
وَحَكَى شُرَيْحٌ وَجْهَيْنِ فِي تَقْيِيدِ مَحْبُوسٍ لَجُوجٍ.
وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي التَّفْلِيسِ أَنَّهُ إنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَعَائِدٌ عَزَّرَهُ الْقَاضِي بِمَا يَرَاهُ مِنْ قَيْدٍ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَلَا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ) أَيْ: وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ.
(فَائِدَةٌ):
قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَتْ دِرَّةُ عُمَرَ أَهْيَبُ مِنْ سَيْفِ الْحَجَّاجِ قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَفِي حِفْظِي مِنْ شَيْخِنَا أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ نَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ مَا ضُرِبَ بِهَا أَحَدٌ عَلَى ذَنْبٍ وَعَادَ إلَيْهِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: لِأَدَاءِ حَقٍّ) أَيْ: لِلَّهِ، أَوْ لِآدَمِيٍّ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: اشْتَرَاهَا إلَخْ) بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَجَعَلَهَا سِجْنًا) وَإِذَا هَرَبَ الْمَحْبُوسُ لَمْ يَلْزَمْ الْقَاضِيَ أَيْ: وَلَا السَّجَّانَ طَلَبُهُ فَإِذَا أَحْضَرَهُ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ هَرَبِهِ، فَإِنْ تَعَلَّلَ بِإِعْسَارٍ لَمْ يُعَزِّرْهُ، وَإِلَّا عَزَّرَهُ وَكَذَا يُعَزِّرُهُ لَوْ طَلَبَهُ ابْتِدَاءً لِأَصْلِ الدَّعْوَى فَامْتَنَعَ مِنْ الْحُضُورِ وَلَوْ أَرَادَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ مُلَازَمَتَهُ بَدَلًا عَنْ الْحَبْسِ مُكِّنَ مَا لَمْ يَقُلْ تَشُقُّ عَلَيَّ الطَّهَارَةُ، وَالصَّلَاةُ مَعَ مُلَازَمَتِهِ وَيَخْتَارُ السِّجْنَ فَيُجِيبُهُ وَأُجْرَةُ السِّجْنِ عَلَى الْمَسْجُونِ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمَكَانِ الَّذِي شَغَلَهُ.
وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ إذَا لَمْ يَتَهَيَّأْ ذَلِكَ أَيْ أُجْرَةُ السِّجْنِ، وَالسَّجَّانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. اهـ. نِهَايَةٌ بِأَدْنَى زِيَادَةٍ مِنْ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَحَكَى شُرَيْحٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ لَوْ امْتَنَعَ مَدْيُونٌ مِنْ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ تَخَيَّرَ الْقَاضِي بَيْنَ بَيْعِ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبَيْنَ سَجْنِهِ لِيَبِيعَ مَالَ نَفْسِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَلَا يُسْجَنُ، وَالِدٌ بِدَيْنِ وَلَدِهِ فِي الْأَصَحِّ وَلَا مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَيْنُهُ لِعَمَلٍ وَتَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي السِّجْنِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ وَنَفَقَةُ الْمَسْجُونِ فِي مَالِهِ وَكَذَا أُجْرَةُ السِّجْنِ، وَالسَّجَّانِ وَلَوْ اسْتَشْعَرَ الْقَاضِي مِنْ الْمَحْبُوسِ الْفِرَارَ مِنْ حَبْسِهِ فَلَهُ نَقْلُهُ إلَى حَبْسِ الْجَرَائِمِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ سُجِنَ لِحَقِّ رَجُلٍ فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَى عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ إذْنِ غَرِيمِهِ، ثُمَّ رَدَّهُ، وَالْحَبْسُ لِمُعْسِرٍ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَيَتَّخِذُ أَعْوَانًا قَالَ سُرَيْجٌ وَالرُّويَانِيُّ: ثِقَاتًا.
وَأُجْرَةُ الْعَوْنِ، وَالْحَبْسِ لِمُعْسِرٍ عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ خَصْمُهُ مِنْ الْحُضُورِ، فَإِنْ امْتَنَعَ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ بِالِامْتِنَاعِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَالسَّجَّانِ قَدْ مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ مَا يُخَالِفُهُ.
(وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ مَجْلِسِهِ) الَّذِي يَقْضِي فِيهِ (فَسِيحًا)؛ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهِ الْخُصُومُ (بَارِزًا) أَيْ ظَاهِرًا لِيَعْرِفَهُ كُلُّ أَحَدٍ، وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ حَاجِبٍ لَا مَعَ زَحْمَةٍ، أَوْ فِي خَلْوَةٍ (مَصُونًا مِنْ أَذَى) نَحْوِ (حَرٍّ وَبَرْدٍ) وَرِيحٍ كَرِيهٍ وَغُبَارٍ وَدُخَانٍ (لَائِقًا بِالْوَقْتِ) أَيْ: الْفَصْلِ كَمَهَبِّ الرِّيحِ وَمَوْضِعِ الْمَاءِ فِي الصَّيْفِ، وَالْكَنِّ فِي الشِّتَاءِ، وَالْخَضِرَةِ فِي الرَّبِيعِ وَلَمْ يَجْعَلْ هَذَا نَفْسَ الْمَصُونِ كَمَا صَنَعَهُ أَصْلُهُ بَلْ غَيَّرَهُ كَأَنَّهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى تَغَايُرِهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لِدَفْعِ الْمُؤْذِي، وَالثَّانِي لِتَحْصِيلِ التَّنَزُّهِ وَدَفْعِ الْكُدُورَةِ عَنْ النَّفْسِ؛ فَانْدَفَعَ اسْتِحْسَانُ شَارِحٍ لِعِبَارَةِ أَصْلِهِ عَلَى عِبَارَتِهِ (وَ) لَائِقًا بِوَظِيفَةِ (الْقَضَاءِ) الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ الْمَنَاصِبِ وَأَجَلُّ الْمَرَاتِبِ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى غَايَةٍ مِنْ الْأُبَّهَةِ، وَالْحُرْمَةِ، وَالْجَلَالَةِ فَيَجْلِسُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ دَاعِيًا بِالتَّوْفِيقِ، وَالْعِصْمَةِ، وَالتَّسْدِيدِ مُتَعَمِّمًا مُتَطَلِّسًا عَلَى عَالٍ بِهِ فُرُشٌ وَوِسَادَةٌ لِيَتَمَيَّزَ بِهِ وَلِيَكُونَ أَهْيَبَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ، وَالتَّوَاضُعِ لِلْحَاجَةِ إلَى قُوَّةِ الرَّهْبَةِ، وَالْهَيْبَةِ، وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ جُلُوسُهُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْهَيْئَةِ (لَا مَسْجِدًا) أَيْ: لَا يَتَّخِذُهُ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَجْلِسَ الْقَاضِي يَغْشَاهُ نَحْوُ الْحُيَّضِ، وَالدَّوَابِّ وَيَقَعُ فِيهِ اللَّغَطُ، وَالتَّخَاصُمُ، وَالْمَسْجِدُ يُصَانُ عَنْ ذَلِكَ.
نَعَمْ إنْ اتَّفَقَ عِنْدَ جُلُوسِهِ فِيهِ قَضِيَّةٌ، أَوْ قَضَايَا فَلَا بَأْسَ بِفَصْلِهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ، وَكَذَا إذَا جَلَسَ فِيهِ لِعُذْرِ نَحْوِ مَطَرٍ.
وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ فِيهِ أَشَدُّ كَرَاهَةً وَأُلْحِقَ بِالْمَسْجِدِ بَيْتُهُ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَحْتَشِمُ النَّاسُ دُخُولَهُ بِأَنْ أَعَدَّهُ مَعَ حَالِهِ فِيهِ يَحْتَشِمُ النَّاسُ الدُّخُولَ عَلَيْهِ لِأَجْلِهَا، أَمَّا إذَا أَعَدَّهُ وَأَخْلَاهُ مِنْ نَحْوِ عِيَالٍ وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يَحْتَشِمُهُ أَحَدٌ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَلَا مَعْنَى لِلْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ مَجْلِسِهِ فَسِيحًا إلَخْ) هَذَا إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ، فَإِنْ تَعَدَّدَ وَحَصَلَ زِحَامٌ اتَّخَذَ مَجَالِسَ بِعَدَدِ الْأَجْنَاسِ فَلَوْ اجْتَمَعَ رِجَالٌ وَخَنَاثَى وَنِسَاءٌ اتَّخَذَ ثَلَاثَةَ مَجَالِسَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ أَسْنَى وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي يَقْضِي) إلَى قَوْلِهِ: أَمَّا إذَا غَضِبَ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَمْ يُجْعَلْ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: كُلُّ أَحَدٍ) أَيْ: كُلُّ مَنْ أَرَادَهُ مِنْ مُسْتَوْطِنٍ وَغَرِيبٍ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ حَاجِبٍ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي مِنْ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا يُمَكِّنُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ عَامَّةَ النَّاسِ وَإِنَّمَا يُمَكِّنُ عُظَمَاءَهُمْ، أَوْ مَنْ يَدْفَعُ لَهُ رِشْوَةً لِلتَّمْكِينِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: لَا مَعَ زَحْمَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالْأَسْنَى، وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَّخِذَ حَاجِبًا حَيْثُ لَا زَحْمَةَ وَقْتَ الْحُكْمِ، فَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ لِلْحُكْمِ بِأَنْ كَانَ فِي وَقْتِ خَلَوَاتِهِ، أَوْ كَانَ ثَمَّ زَحْمَةٌ لَمْ يُكْرَهْ نَصْبُهُ.
وَالْبَوَّابُ وَهُوَ مَنْ يَقْعُدُ بِالْبَابِ لِلْإِحْرَازِ كَالْحَاجِبِ فِيمَا ذُكِرَ وَهُوَ مَنْ يَدْخُلُ عَلَى الْقَاضِي لِلِاسْتِئْذَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا مَنْ وَظِيفَتُهُ تَرْتِيبُ الْخُصُومِ، وَالْإِعْلَامُ بِمَنَازِل النَّاسِ أَيْ: وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالنَّقِيبِ فَلَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِهِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ بِاسْتِحْبَابِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجْعَلْ هَذَا) أَيْ: قَوْلَهُ: لَائِقًا بِالْوَقْتِ نَفْسَ الْمَصُونِ أَيْ: مِنْ الْأَذَى.
(قَوْلُهُ: كَمَا صَنَعَهُ أَصْلُهُ) فَإِنَّهُ قَالَ: لَائِقًا بِالْوَقْتِ لَا يَتَأَذَّى فِيهِ بِالْحَرِّ، وَالْبَرْدِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بَلْ غَيْرُهُ) أَيْ: بَلْ جَعَلَهُ صِفَةً أُخْرَى. اهـ. مُغْنِي.